
نقدم لكم شرح شامل لقصيدة نزلت تجر الى الغروب ذيولا لمادة اللغة العربية للصف التاسع الفصل الدراسي الاول المنهج العماني
يتناول هذا الملف شرح قصيدة “نزلت تجر إلى الغروب ذيولًا” للشاعر معروف الرصافي، من خلال قراءة تحليلية فنية وجمالية تجمع بين التأمل في الطبيعة واستبطان المشاعر الإنسانية المرتبطة بمشهد الغروب. يبدأ الشرح بسؤال تأملي يوجّه المتعلم للتفكير في مشاعره عند مشاهدة الغروب: هل يشعر بالحزن لأن الغروب يرمز إلى نهاية يوم وانطفاء ضوء الحياة، أم بالتفاؤل لأنه يحمل وعدًا ببداية جديدة وشروق آخر؟ هذه الفكرة التمهيدية تفتح باب التأمل في المعاني الرمزية التي يحملها الغروب في وجدان الإنسان.
رابط تنزيل ملف الشرح
الشاعر:
معروف الرصافي هو شاعر عراقي من مدينة الرصافة ببغداد، يُعد من أبرز شعراء العصر الحديث. تنقل بين عدد من المدن العربية وترك أثرًا أدبيًا واسعًا في مجالات الشعر والنثر واللغة والأدب. عُرف بشعره الوطني الذي يعبر عن القضايا القومية والاجتماعية، كما عُرف بتأملاته في الطبيعة والنفس الإنسانية. لغته قوية متينة، تميل إلى الجلال والوضوح، وأحيانًا يتخذ شعره طابعًا قريبًا من النثر في سلاسته وعمقه. الأبيات الواردة في هذا النص مأخوذة من قصيدة أطول يصف فيها الشاعر مشهد الغروب في مدينة الأعظمية.
التحليل التفصيلي للأبيات:
- البيت الأول:
يصوّر الشاعر الشمس وهي تميل نحو الغروب كأنها فتاة جميلة رشيقة تجرّ ذيل ثوبها الطويل الذهبي، تمشي بخطى بطيئة واثقة، تحمل في لونها الأصفر مسحة من الشجن والحبّ. يشبّهها أيضًا بالعاشق الولهان الذي أنهكه العشق حتى بدا في مظهر الحزن والانكسار.
الفكرة: وصف لحالة الشمس عند الغروب، ومزج بين مشهد الطبيعة والعاطفة الإنسانية. - البيت الثاني:
يصف الشاعر الشمس وهي ترتجف عند الغروب كأنها عاشقة يرهقها الوجد ولا تجد راحة، تتقلّب كما يتقلّب المريض في فراشه. من خلال هذا التشبيه يعبّر الشاعر عن اضطراب حركة الشمس في لحظات أفولها، فتبدو ككائن حيّ يشعر بالعجز والضعف.
الفكرة: حركة الشمس البطيئة المتقطعة عند الغروب تشبه اضطراب العاشق المريض. - البيتان الثالث والرابع:
يقارن الشاعر بين شروق الشمس وغروبها؛ ففي الصباح تضحك كالعروس في فرحها، أما عند الغروب فتبكي دمًا، في إشارة إلى لون الشفق الأحمر. هذا التباين بين الضحك والبكاء يرمز إلى دورة الحياة بين الأمل واليأس، والوجود والفناء. كما يصف عبور الشمس من كبد السماء نحو الأفق الغربي تدريجيًا.
الفكرة: تصوير رمزي للحياة بين إشراق الصباح وانطفاء المساء، حيث الأمل يولد مع الشروق ويموت مع الغروب. - البيتان الخامس والسادس:
يواصل الشاعر وصف المشهد الطبيعي للشمس وهي تغادر وسط السماء باتجاه الغروب، وقد تحوّل لونها إلى الأحمر القاني المشابه للون نبات “الورس” المستخدم في الصباغة. هذه الصورة اللونية المكثفة تعبّر عن تحول الضوء إلى دماء السماء.
الفكرة: مشهد الغسق، والشمس تصطبغ بلون أحمر قاتم يشبه لون الصبغ الطبيعي. - الأبيات السابع والثامن والتاسع:
تغيب الشمس كليًا، لكنها تترك خلفها شفقًا أحمر كأنه لهب يمتد في الأفق. يصف الشاعر هذا الشفق بلون باهت مرعب يشبه السيف الملطخ بالدماء بعد سحبه من غمده، في إشارة إلى عنف المشهد وجلاله. ومع اختفائها الكامل يخيم الحزن على الأرض، التي تبدو وكأنها وجه فقد بريقه. أما عبارة “توارى بالحجاب” فهي إشارة بلاغية مأخوذة من القرآن الكريم، تُكسب النص بعدًا روحانيًا وتأمليًا.
الفكرة: مشهد نهاية اليوم بعد غياب الشمس، واستحضار البعد القرآني في وصف الطبيعة.
الخاتمة الفكرية والجمالية:
من خلال هذه القصيدة، يجسّد الرصافي مشهد الغروب بلغة تجمع بين الحس الإنساني والرؤية الجمالية للطبيعة. فالشمس في قصيدته ليست مجرد جرم سماوي، بل رمز للحياة، للعشق، وللأمل الذي يتجدّد رغم الغياب. كما تكشف الصور الفنية عن قدرة الشاعر على تحويل المشاهد الكونية إلى لوحات وجدانية تعبّر عن العلاقة العميقة بين الإنسان والطبيعة.
القصيدة في مجملها تعبير عن تأمل فلسفي في دورة الحياة — حيث كل نهاية تحمل في طيّاتها بداية جديدة، وكل غروب يُمهد لشروق آخر.
الرابط المختصر للمقال: https://oman22.com/?p=20061