
قبيلة الغافري: جذورها العريقة ودورها في تاريخ سلطنة عُمان
تُعتبر قبيلة الغافري (بني غافر) واحدة من أبرز القبائل العربية التي تسكن سلطنة عُمان، وهي قبيلة ذات تاريخ طويل وممتد يعود إلى الجذور العدنانية. تمتاز هذه القبيلة بجذورها العميقة في الثقافة والتقاليد العُمانية، كما أن لها مكانة بارزة في المجتمع العماني عبر العصور. تنتمي قبيلة الغافري إلى سلالة عدنانية، حيث يُنسبون إلى بني غافر بن سامة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . هذا النسب الشريف يجعلهم من القبائل القرشية التي تحمل إرثًا تاريخيًا كبيرًا.
أصل قبيلة الغافري وانتشارها
انتشرت قبيلة الغافري في عدة مناطق من سلطنة عُمان، وأبرزها محافظة الظاهرة في ولاية عبري، حيث تقيم في بلدات مثل العينين والدريز . كما تتواجد في محافظة جنوب الباطنة، وخاصة في ولاية الريتاق وفي قرى وادي يني غافر . ومن هنا جاءت تسمية الوادي باسم “بني غافر”، وهو المكان الذي استقر فيه أبناء القبيلة منذ القدم، وارتبط اسمهم به كدليل على عراقتهم وجذورهم التاريخية.
ينسب الغافريون إلى سامه بن لؤي القرشي ، وهو شقيق كعب بن لؤي ، الجد السادس للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. ويعتبر سامة بن لؤي أحد أوائل النزاريين الذين تواجدوا في عُمان، مما يجعل للقبيلة مكانة خاصة في التاريخ الإسلامي. وقد نقل المؤرخون أن بعض أحفاد سامة التقوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، وأكدوا له أنهم من أحفاد سامة بن لؤي. عندما سألهم الرسول عن سامة، قال: “أهو الشاعر؟”، فأجابوه ببيت شعري معروف يُظهر عمق العلاقة بين القبيلة وتراثها الأدبي والثقافي.
مكانة قبيلة الغافري في التاريخ العماني
تشتهر قبيلة الغافري بأنها من أقدم القبائل المستقرة في سلطنة عُمان، ولها دور بارز في بناء الحضارة العُمانية. فقد كانوا دائمًا في طليعة القبائل التي دافعت عن أراضي السلطنة ضد الغزاة، وساهموا في تعزيز الأمن والاستقرار داخل المجتمع. وتعد قبيلة الغافري اليوم واحدة من أكثر القبائل العُمانية عدداً وعدة، ولها مكانة كبيرة في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
في منطقة الظاهرة، تُعتبر قبيلة الغافري من القبائل التي لها “اليد الطولى”، أي أنها تتمتع بقوة نفوذ وتأثير كبيرين. ويشهد تاريخهم بالعديد من الإنجازات والمشاركة الفاعلة في الأحداث الوطنية الكبرى. كما أنهم معروفون بشجاعتهم وكرمهم، وهما صفتان تميزان القبائل العربية الأصيلة.
ثقافة قبيلة الغافري وتقاليدها
تحافظ قبيلة الغافري على تقاليدها وعاداتها التي تعكس الهوية العُمانية الأصيلة. ومن أبرز هذه التقاليد:
- الكرم: يُعتبر الكرم من السمات البارزة لأبناء قبيلة الغافري، حيث يحرصون على تقديم الضيافة والإكرام لكل زائر.
- الترابط الاجتماعي: يتمتع أبناء القبيلة بعلاقات قوية قائمة على التعاون والتآزر، مما يعزز من تماسك المجتمع.
- احترام التقاليد: يلتزمون بالقوانين والأعراف القبلية، ويحافظون على التقاليد التي تُعبر عن هويتهم العُمانية.
- الفروسية: كان لأبناء القبيلة دور كبير في المعارك التي خاضتها عُمان عبر التاريخ، مما جعلهم رمزًا للشجاعة والفروسية.
دور قبيلة الغافري في المجتمع الحديث
في العصر الحديث، واصل أبناء قبيلة الغافري تقديم الدعم للدولة العُمانية في مختلف المجالات. فقد برز العديد منهم في مجالات التعليم، الصحة، الهندسة، السياسة، والاقتصاد. كما أنهم يشاركون بفعالية في المشاريع التنموية التي تشهدها السلطنة، سواء كانت حكومية أو خاصة.
على سبيل المثال، يُعتبر أبناء قبيلة الغافري من الداعمين الأساسيين للنهضة الحديثة التي تشهدها سلطنة عُمان، حيث يعملون على تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني. كما أنهم يحرصون على تعزيز قيم المواطنة والانتماء بين الأجيال الجديدة، مما يجعلهم ركيزة أساسية في بناء مستقبل السلطنة.
جهود القبيلة في تعزيز الحوار والتواصل
من المعروف أن قبيلة الغافري كانت وما زالت رمزًا للتفاعل الإيجابي مع المجتمعات الأخرى. فقد اشتهر أبناؤها بالانفتاح على الثقافات المختلفة، مع الحفاظ على هويتهم الوطنية. كما أنهم لعبوا دورًا مهمًا في تعزيز الحوار بين القبائل العُمانية وبين مختلف شرائح المجتمع. وهذا ما جعلهم جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي العُماني.
الخلاصة
قبيلة الغافري ليست مجرد قبيلة عربية تعيش في سلطنة عُمان، بل هي رمز للانتماء والولاء لوطنٍ عريقٍ بأصالته وتاريخه. لقد أسهم أبناؤها عبر العصور في بناء هذا الوطن وحمايته، وما زالوا حتى اليوم يعملون على تحقيق التنمية والرخاء. يعكس نسبهم الشريف وارتباطهم بتاريخ عُمان العريق مدى أهميتهم في المجتمع العماني. ومع استمرار الاستثمار في التعليم والتنمية، يمكننا توقع المزيد من الإنجازات من هذه القبيلة العريقة التي ستظل دائمًا مصدر فخر واعتزاز للشعب العُماني.
كلمة أخيرة
إن قبيلة الغافري تمثل نموذجًا حيًا للقبيلة التي حافظت على تراثها وهويتها، بينما تبنت في الوقت نفسه قيم التطور والتحديث. إنهم ليسوا فقط جزءًا من تاريخ عُمان، بل هم أيضًا جزء من مستقبلها المشرق.
الرابط المختصر للمقال: https://oman22.com/?p=16494