
نص درس الصحافة العمانية المهاجرة لمادة اللغة العربية للصف العاشر الفصل الدراسي الثاني المنهج العماني
الصحافة العمانية المهاجرة
تشكل صحافة المهجر العماني – منذ صدورها المبكر في أوائل القرن الماضي – واقعا تسجيليا مهمًّا لفترة دقيقة من تاريخ الثقافة العمانية في شرق إفريقيا، حيث المهجرُ العماني الخصبُ والغنيُّ بكثير من الرؤى والتطلعات الحضارية التي خلّفها العمانيون على كافة المستويات: السياسية، والاجتماعية، والثقافية، وهي فترة تقترن أيضا بمساقات الحربين العالميتين: الأولى، والثانية، وما صاحبهما من قلق سياسي، ونتج منهما من أشكال الفقر، والعوَز، والهجرة، والتشتت على
الصعید الاجتماعي بالتحدید.
كما أن هذه الفترة من جانب آخر تقترن بظهور خطاب ثقافي جديد شكّلته جهود الأدباء العُمانيين في عُمان وخارجها، والتي خاضت مراسها الثقافي عبر الصحافة والتأليف التاريخي والفقهي، بل وحتى الأدبي من خلال قصائد الشعر والمنظومات الوثائقية التي تحفظ كيان الهوية للأمة .
لقد كانت مَهمّة أولئك المثقفين صعبة للغاية ؛ لأنها انبثقت من تحولات خطيرة على المستوى السياسي والاجتماعي، وحددت مسارها الإمكانات المحدودة لمجتمعاتهم أفقا ورؤية، ومن ثمّ تقبُّلا ورفضا، تُذْكيها في ذلك مصاعبُ ماديةٌ، وأخرى معنوية لوطنهم الأم عمان ومهجرهم الشرقي، ذلك المهجر الذي اتجهت إليه أفواجُ العمانيين بدءا من القرن الأول الهجري، ويتمثّلُ في زنجبار، والجزيرة الخضراء، وممباسة، والكونغو، وتنجانيقا، وموزمبيق وغيرها من بقاع إفريقيا.
لقد أنجز العمانيون مُناخات الثقافة الفكرية الحديثة في شرق إفريقيا خير إنجاز، وما الصحافة إلا أحد تلك الإنجازات الطليعية المعاصرة التي يضاهون بها أقرانهم العرب، كيف لا؟ واثنتا عشرة صحيفةً عربيةً وحدها تصدر منذ أوائل هذا القرن، ناهيك عما يطرح فيها من أفكار تقدمية في السياسة، والأدب، والاجتماع، تذكيها في ذلك أدوار الجمعيات ، والأندية، والمؤسسات الثقافية التي تصدر عنها هذه الصحف، والتي عرفها العمانيون في هذا المهجر أيضا، ومن بين هذه الصحف التي كان لها حضورها :
١- صحيفة النجاح: وهي صحيفة شبه أسبوعية جامعة صدرت في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر ١٣٣٠هـ/ ١٩١١م في أربع صفحات، وتعد صحيفة عمانية بالمعنى الحقيقي للصحافة التي تصدر في سلطنة زنجبار، وقد تناوب على رئاسة تحريرها كل من : الشيخ ناصر بن سالم بن عديم الرواحي البهلاني، والشيخ ناصر بن سليمان اللمكي.
٢- النادي: وهي صحيفة أصدرها الحزب الوطني عام ١٩١١، وقام بتحريرها الشيخ حارث بن سليمان اللمكي،
وكانت تصدر في محيط ضيق.
٣- الفلق: وهي من أوائل الصحف العربية التي ظهرت في إفريقيا الشرقية بعد الحرب العالمية الأولى، وقد كانت
تعرف قبل الحرب باسم “النجاح”، وكان الهدف الأساسي لها الإصلاح وإنارة الأفكار، وصدرت الفلق يوم الاثنين ٢٠ من شوال عام ١٣٤٧ هـ الموافق للأول من نيسان/أبريل ١٩٢٩م، وتولّى رئاستها الشيخ هاشل بن راشد المسكري، وقد كانت أطروحات الفلق الثقافية والسياسية مثار إعجاب قرائها ومتابعيها داخل الوطن العربي؛ إذ كانت تصل إلى عمان،
وتوزع في الشام، ومصر، والجزائر.
٤- النهضة: وهي صحيفة سياسية ثقافية عامة، صدرت عام ١٩٤٩م، وغلب عليها طابع المقال السياسي، أصدرها السيد سيف بن حمود بن فيصل البوسعيدي .
ومع هذه الصحف التي صدرت بالعربية فإننا نجد صحفا أخرى تصدر بالسواحيلية؛ لتخاطب العرب الذين يتحدثون بها ومن بينها ” المرشد ” التي أصدرها أحمد بن سيف الخروصي عام ١٩٥٠م، و”الإصلاح “التي أصدرها الشيخ الأمين بن علي المزروعي عام ١٩٣٢م التي كانت تصدر باللغتين العربية والسواحيلية.
لقد جاءت هذه الصحافة لتصوغ تيارا ثقافيا عمانيا للمجتمع العربي، سواء في مكان صدورها، أم في عمان والوطن العربي ، وحددت توجهات المثقف العُماني في العواصم الثقافية العربية الكبرى : بغداد، والقاهرة، وبیروت، ودمشق .