موسوعة عمان

ولاية القابل في محافظة شمال الشرقية

ولاية القابل في محافظة شمال الشرقية

ولاية القابل: لوحة من التراث والتاريخ الطبيعي

تعد ولاية القابل، الواقعة في محافظة شمال الشرقية بسلطنة عمان، واحدة من المناطق التي تجمع بين الجمال الطبيعي والعمق التاريخي. فهي ليست مجرد منطقة جغرافية، بل تمثل إرثًا حضاريًا وتاريخيًا وثقافيًا يعكس عراقة سلطنة عمان وأصالتها.


الموقع الجغرافي والحدود:

  • الشمال: تحدها ولاية إبراء.
  • الجنوب: تحدها ولاية بدية.
  • الشرق (الشمال الشرقي): تحدها ولاية دماء والطائيين وولاية بني خالد.
  • الغرب: تحدها ولاية المضيبي.

تقع الولاية على الطريق الرئيسي الذي يربط بين مسقط وصور، مما يجعلها موقعًا استراتيجيًا للمسافرين والسياح.


شعار الولاية: الفرس المسروج

اختارت ولاية القابل “الفرس المسروج” شعارًا لها، وهو رمز يعكس قوة الولاية وارتباطها بالتاريخ العماني العريق، حيث كان الفرس وسيلة النقل الرئيسية في الماضي، كما أنه يرمز إلى الشجاعة والفروسية التي تميز بها أهل المنطقة.


السكان والمجتمع:

عدد سكان ولاية القابل يبلغ حوالي 16,033 نسمة، ينتشرون في حوالي 21 قرية. هذه القرى تتميز بطابعها التقليدي الذي يمزج بين الأصالة والمعاصرة، حيث يتمسك السكان بموروثاتهم الثقافية وفنونهم التقليدية.


المعالم السياحية والتراثية:

1. الحصون والأبراج:

  • تحتوي القابل على حوالي 69 معلمًا أثريًا، من أبرزها:
    • حصن القابل: أحد المعالم التاريخية البارزة.
    • حصن المضيرب: يعكس المهارة الهندسية القديمة.
    • الأبراج: تنتشر أبراج تاريخية في عدة مناطق مثل النبأ، المنجرد، المعترض، والصرم. هذه الأبراج التي بُنيت منذ مئات السنين ما زالت صامدة، وهي خير شاهد على قدرة الإنسان العماني على التكيف مع البيئة.

2. الأفلاج:

  • تشتهر القابل بوجود حوالي 50 فلجًا تقريبًا، وهي نظام ري تقليدي يعتمد على المياه الجوفية. ومن أبرز الأفلاج:
    • فلج القابل.
    • فلج المضيرب.
    • فلج الدريز.
    • فلج النبأ.
    • فلج الغلاجي.
    • فلج بطين.
    هذه الأفلاج لا تزال تعمل حتى اليوم، وتشكل مصدرًا مهمًا للمياه الزراعية، كما أنها تعكس المهارة الهندسية القديمة في إدارة الموارد الطبيعية.

3. القرى الصحراوية:

  • تتميز القابل بوجود عدد من القرى الواقعة بين الكثبان الرملية الذهبية المرتفعة، مثل:
    • قرية ساقة.
    • قرية العقيدة.
    • قرية الخريص.
    • قرية الجوفاء.
    • قرية الظفرة.
    هذه القرى تقدم تجربة فريدة للزوار الذين يرغبون في استكشاف الحياة في الصحراء.

4. العيون المائية:

  • تحتوي الولاية على عدد من العيون الطبيعية ذات المياه النقية والمعدنية، مثل:
    • عين مرزوق: تتميز بمياهها المعدنية التي تُعتبر ذات قيمة علاجية.
    • عين وادي بركة.
    • عين الوشل.
    هذه العيون تُعد من أبرز المعالم السياحية في الولاية، حيث تجذب الزوار الذين يبحثون عن الاستجمام والراحة.

التضاريس والتنوع الطبيعي:

تتميز ولاية القابل بالتنوع التضاريسي الذي يشمل:

  • الكثبان الرملية الذهبية: التي تشكل لوحة طبيعية خلابة.
  • الجبال الشاهقة: التي تضيف جمالًا طبيعيًا وتمنح الولاية طابعًا دراميًا.
  • الأودية المنخفضة: التي تكتسب أهمية خاصة خلال مواسم الأمطار.

هذا التنوع التضاريسي يجعل من القابل وجهة مثالية لمحبي الطبيعة والمغامرات الصحراوية. الزوار يمكنهم استكشاف الكثبان الرملية الذهبية التي تروي قصة الزمن، أو تسلق الجبال الشاهقة التي توفر إطلالات خلابة على المنطقة، أو حتى التجول في الأودية المنخفضة التي تنبض بالحياة خلال مواسم الأمطار.


التراث الثقافي والفني:

ولاية القابل ليست فقط غنية بمعالمها الطبيعية والتاريخية، بل أيضًا بتراثها الثقافي الذي يعكس هوية المجتمع المحلي. السكان يتمسكون بفنونهم التقليدية وأشكالهم الثقافية التي تُظهر عمق التاريخ العماني. ومن أبرز الفنون التي تشتهر بها الولاية:

  • فن الرزحة: وهو أحد الفنون الشعبية التي تعبر عن القيم الاجتماعية والثقافية.
  • فن العازي: الذي يُعتبر جزءًا من الموروث الشعري الغنائي.
  • فنون البادية الأخرى: مثل فن “همبل البوش” و”التغرود”، التي تُؤدى في المناسبات الاجتماعية والوطنية.

كما تقام العديد من المسابقات التقليدية مثل سباقات الهجن والخيل، التي تعكس روح التنافس والقوة لدى أهل البادية.


الحرف اليدوية والصناعات التقليدية:

بدأت الحرف اليدوية والصناعات التقليدية في ولاية القابل تستعيد مكانتها بفضل الجهود المبذولة من الشباب والشابات الذين يعملون على تسويق هذه المنتجات كتذكارات سياحية. ومن أبرز الصناعات التقليدية في الولاية:

  • صناعة الخوصيات: مثل المخازف المستخدمة لجمع التمور، والظروف التي تحفظ التمور.
  • دباغة الجلود: حيث تُصنع أحزمة الخناجر وأغمدة السيوف.
  • السعفيات: مثل الحبال والدعون التي تُستخدم في الحياة اليومية.

هذه الحرف تعكس ارتباط السكان بالبيئة المحلية واستخدامهم للمواد الخام الطبيعية بشكل مبتكر.


التنمية والتطوير:

مثل باقي ولايات السلطنة، شهدت القابل نصيبًا وافرًا من التنمية والتطوير في مختلف المجالات. البنية التحتية تحسنت بشكل كبير، مما ساهم في تعزيز المقومات السياحية والاقتصادية للولاية. كما أن الحكومة العمانية أولت اهتمامًا خاصًا بحماية التراث الثقافي والطبيعي، مما جعل القابل واحدة من الوجهات السياحية الفريدة في السلطنة.


أهمية القابل في التاريخ العماني:

ولاية القابل ليست مجرد منطقة جغرافية، بل هي شاهد على التاريخ العماني العريق. الحصون والأبراج والأفلاج التي تزخر بها الولاية تُعد دليلًا قويًا على دور القابل في تاريخ عمان القديم. هذه المعالم لم تكن فقط لأغراض الدفاع، بل كانت أيضًا مركزًا للزراعة والتجارة، مما يعكس تنوع النشاطات الاقتصادية في المنطقة عبر العصور.


ختامًا:

ولاية القابل هي مزيج رائع بين الطبيعة الخلابة، التراث العريق، والتطور الحديث. إنها تمثل بوابة نحو الماضي العريق ونموذجًا حيًا للتعايش بين الإنسان والطبيعة. سواء كنت من محبي التاريخ، الطبيعة، أو الثقافة، فإن القابل تقدم لك تجربة فريدة لا تُنسى.

الخلاصة: ولاية القابل ليست فقط مكانًا جغرافيًا، بل هي لوحة فنية تجمع بين الجمال الطبيعي، التراث العميق، والثقافة الأصيلة. إنها وجهة تحتفي بتاريخ عمان وحاضرها، وتدعو الجميع لاكتشاف ما تملكه من كنوز طبيعية وثقافية.

الرابط المختصر للمقال: https://oman22.com/?p=17024

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى