
يمثّل «كتيّب إثرائي في مادة الرياضيات للصفّ الثاني» إضافةً تعليمية نوعية تستهدف تنمية المهارات الأساسية لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية خلال الفصل الدراسي الأوّل، مع الالتزام بتدرّج المنهج العُماني ومراعاة خصائص المتعلمين في هذا العمر. أعدّت هذا الكتيّب المعلمة سامية بنت سالم الشعيبلية والمعلمة ميقة ثاني بخبرة صفّية واضحة تظهر في تنوّع الأنشطة وقابليتها للتطبيق داخل الصفّ وفي المنزل. لا يقدّم الكتيّب أوراق عمل جامدة فحسب، بل يصوغ مسار تعلّم يزاوج بين الفهم المفاهيمي والمهارة الإجرائية والتمرين الممتع، بحيث يكون رفيقًا للدرس ومكمّلًا له، ويساعد المعلم/ـة على ضبط الوقت وقياس التقدّم بطريقة مرنة.
رابط تنزيل الكتيب
يرتكز المحتوى على الأعداد حتى المئة بوصفها المجال العددي الذي تتشكل فيه بواكير مفاهيم القيمة المكانية والتقدير والأنماط. وتنطلق الصفحات من أدوات بصرية مألوفة لدى الطفل مثل لوحة المائة وخط الأعداد، وتتدرج في الأسئلة من التعرف والتصنيف إلى التفسير والتطبيق. يبدأ التلميذ بالعدّ والتعرّف إلى العلاقات بين الأعداد، ثم ينتقل إلى مهارات أعلى مثل استنتاج النمط، واستخدام التقدير في حل مسألة لفظية، وربط العدّ القفزي بتصوّر أوّلي للجمع والطرح. هذا التدرج المتقن يجعل الكتيّب صالحًا للتعليم البنائي اليومي وللمراجعة السريعة قبيل التقويمات.
أحد أبرز محاور الكتيّب هو لوحة المائة؛ إذ تُقدَّم بوصفها مختبرًا صغيرًا لاستكشاف الأنماط. يتعلم التلميذ أن الانتقال أفقيًا يغيّر الآحاد، والانتقال عموديًا يغيّر العشرات، بينما يكشف العد القطري عن علاقات ممتعة بين الأعداد. يمكن للمعلم أن يطلب من التلاميذ تلوين «سلالم» من الأعداد (مثل 4، 14، 24…) أو تعقّب أعداد تنتهي بالرقم نفسه، أو البحث عن «جيران» العدد فوقه وتحته وعن يمينه ويساره. هذه التمارين لا تثبت الحقائق العدديّة فحسب، بل تنمّي الإدراك المكاني للأعداد وتساعد على بناء حدس عددي قوي.
ويأتي موضوع الأعداد الزوجية والفردية في صياغة عملية تعتمد اللعب والتجريب. يكتشف الطفل الزوجية عبر التقسيم العادل للأشياء أو تشكيل «أزواج» بلا بقايا، ثم يُطلب إليه تصنيف أعداد ضمن لوحة المائة أو حل ألغاز قصيرة تخلط بين زوجيّ وفرديّ. ويتوقف الكتيّب عمدًا عند الصفر بوصفه عددًا زوجيًا، موفّرًا فرصة لحديث صفّي يُعزِّز اللغة الرياضية ويشجّع على التبرير: لماذا يُعدّ الصفر زوجيًا؟ وكيف نعرف ذلك من لوحة المائة ومن قاعدة الأزواج؟ هذا النوع من الأسئلة القصيرة ينقل الطالب من مجرّد «النتيجة» إلى فهم السبب.
أما العدّ القفزي، فيقدِّمه الكتيّب خطوةً خطوة: العدّ بالخمسات ثم بالعشرات، مع توظيف لوحة المائة وخط الأعداد معًا. يربط النشاط بين العدّ القفزي والنمذجة العملية للجمع المتكرر، فتتحول سلسلة من 10، 20، 30… إلى فهمٍ أوّلي لمفهوم التجميع بالعشرات، وتصبح الخمسات مدخلًا إلى التفكير في الزمن (الدقائق) أو النقود (القروش/البيسة). تُقترح ألعاب صفّية قصيرة مثل «قفزات الحبل الحسابية» أو «مسارات أرضية» مرقّمة على أرض الصف، لتزوّد الدرس بجرعة حركة ترفع الانتباه وتُثبّت الذاكرة العاملة.
ويتناول الكتيّب عائلات الحقائق للعددين 10 و100، ليُظهِر العلاقة العكسية بين الجمع والطرح بطريقة بصريّة. تُعرض مثلًا بطاقات لثلاثة أعداد تُكوّن «منزل الحقيقة»، فيملأ التلميذ معادلات الجمع والطرح الأربع الممكنة، ويرى كيف يبقى المجموع ثابتًا بينما تتبدل الحدود. هذا التدريب المتكرر يبني الطلاقة الحسابية ويقلّل الاعتماد على العدّ واحدًا واحدًا، ويفتح الطريق لاحقًا لفهم التعويض والتحليل إلى عشرات وآحاد.
ويحظى خط الأعداد والتقدير بحيزٍ ثريّ في الكتيّب؛ إذ تُستثمر خطوط بأطوال مختلفة لتحديد الأعداد المفقودة، وإيجاد نقطة المنتصف بين عددين، واختيار الإجابة الأقرب في مسألة لفظية. يُطلب من التلميذ أحيانًا وضع علامة على المكان الذي «يتوقع» أن يكون فيه العدد قبل الكشف عن الحلّ، ما يدرّب على التقدير الذكي لا على التخمين العشوائي. وتأتي المسائل اللفظية في سياقات حياتية قريبة: تذاكر، فواكه، كعكات، خطوات في ملعب… مع مساحة صغيرة ليرسم الطفل استراتيجيته (سهمًا على خط الأعداد، أو تجميع عشرات) قبل كتابة الإجابة.
على مستوى تنويع الأساليب، يقدّم الكتيّب مروحة أنشطة: إكمال الجداول والأنماط، أسئلة اختيار من متعدد، تصحيح أخطاء في سلاسل أعداد، وألغاز «ما العدد؟» التي تتطلب قراءة أثرية للقرائن. ويُشجَّع المعلم على التفريد عبر مسارين متوازيين: أوراق مبسطة لذوي التحصيل الذي يحتاج دعمًا (خيارات أقل، تدرّج أبطأ)، وأنشطة تحدٍّ للمتقدمين (إنشاء نمط خاص، تفسير قاعدة، ابتكار مسألة لفظية قصيرة). كما تُخصَّص خانات لــالتقويم البنائي السريع: بطاقة خروج بسؤال واحد، أو خانة «جرّبت اليوم» لتوثيق استراتيجية ناجحة.
يمتاز تصميم الكتيّب بالبساطة الجاذبة: خطوط واضحة، أيقونات صغيرة ترشد للمهارة (لوحة، خط أعداد، عدّ قفزي)، ورسوم توضيحية تخدم الهدف دون تشتيت. هذا التصميم الودود يجعل الطفل راغبًا في الإنجاز ويمنح وليّ الأمر دليلًا بصريًا لفهم المطلوب. ويمكن استخدام الصفحات كملفات عمل مستقلة، أو جمعها في سلسلة مراجعات أسبوعية، أو توظيفها في مراكز/محطات داخل الصف لتدوير المجموعات بمهام قصيرة.
أخيرًا، يوفّر الكتيّب إطارًا عمليًا للمعلم/ـة: عنوان واضح، ناتج تعلم قابل للملاحظة، نشاط رئيس يُسجّل بأسلوب مختصر، وتقويم فوريّ يلتقط التقدّم لحظيًا. بهذه الديناميكية، لا يصبح التدريب الحسابي تكرارًا رتيبًا، بل خبرة ممتعة تُنمّي الفهم العددي والطلاقة والثقة بالنفس. وبفضل عمقه المفاهيمي وتنوع أنشطته، يساعد الكتيّب متعلمي الصف الثاني على ترسيخ أساس رياضي متين وبناء عادات تفكير: ملاحظة، توقّع، تفسير، ثم تحقق—وهي العادات التي سيحتاجونها في المراحل اللاحقة حين يتوسّع المحتوى إلى ما بعد المئة ويتقدّم إلى الضرب والقسمة والقياس والهندسة.
الرابط المختصر للمقال: https://oman22.com/?p=19304